السبت، 5 يناير 2013

فراشات داروين ... أو أحسبها كذلك




عن عنوان الموضوع بحثت على محرك "جوجل" للتأكد من المعلومة التى إلتصقت بذاكرتى بعدما طارت من صفحات كتاب الBiology أو دعونى أقول "الأحياء" حتى أكون "دستورية" بما إحتواه الدستور من "تعريب" للعلوم على أساس أننا فى عهد الفرابى و البيرونى و بن الهيثم (الذين نُقشت أسماءهم على أسقف الكونجرس الأمريكى).ما علينا، نرجع لعنوان الموضوع الذى لم أجد ما يرضينى عنه على موجات الإنترنت فقررت أن أترك لذاكرتى العنان..أتذكر ذلك اليوم الذى حكى لنا فيه مدرس "الأحياء" عن فراشات لندن البيضاء أثناء الثورة الصناعية اللندنية حيث إسودت حوئط و مبانى العاصمة من أدخنة المصانع السوداء مما أدى إلى إفتراس تلك الفراشات البيضاء من قِبل الطيور بعدما كانت تبدو "جلّية" للعيان نظرا لفشلها فى ال camouflage مما هدد بإنقراض بنو جنسها فما كان من تلك الفراشات البيضاء النقية إلا أن "تتطور" و"تتأقلم" evolve and adapt  مع "السواد" الجديد لبيئتها وعليه، تتطورت تلك الفراشات و تحولت من الأبيض إلى الأسود حتى تستطيع العيش و الإستمرار و تأكيد الوجود وحجز مكان لها على ذلك الكوكب...

وهنا يأتى تأملى الخاص و محاكاتى لتلك القصة بحياتنا و إنسانيتنا... من هو الأسود؟ الإنسان أم الحياة؟ من إسوّد ليحاكى الآخر 
و يتاقلم معه ليستطيع الحفاظ على حياته؟


ألحياة فعلاً لوح أسود مثل سبورة المدارس تنتظر كتابة بنى البشر عليها بالطبشور الأبيض فتصبح لها معنى و يمكن قراءتها     

وفهمها وملاغاتها؟ أم إنها ذلك اللوح الأبيض الذى إنتظر البشر ليلونه بالأقلام الفلوماستر الملونة؟

ألحياة هى من بدأ بالسواد فأضطر الإنسان أن يسوَّد قلبا و ضميرا ليركبها ويعيش؟


:موضوع فكرت فيه كثيرا و كررت سؤاله فى نفسى كثيرا و فكرت فى إجابته أكثر...وإجابتى كانت كالآتى:



..نعم إننا نحن من تحولنا من الأبيض للأسود بعدما حولنا نحن الحياة إلى الأسود...
نعم إننا نحن من تغولنا و حولنا الحياة من البراءة إلى الغابات..وأصبحنا أشرس من الحيوانات..

نعم إننا نحن من أسقطنا قوانين الإنسانية المجردة البسيطة وأعلينا قانون الغاب فأصبح البقاء للأقوى والأعنف والأكثر همجية و الأعلى صوتا و المنعدم ضميرا و المتحجر قلبا و الأقل أدبا و الأكثر تبجحا و المتعدد وجوها...
نعم إننا نحن من لطخنا جدار الحياة بأيدينا السوداء..سوداء من نفس داخلية تفحمت فيها الرحمة و الحب و المعقول و الطبيعى و المنطق و التلقائية..

نزيف ضمير مستمر من بنى البشر إستمر و يستمر حتى تم تصفية الأجيال منه ومن المشاعر و الأحاسيس...

نعم، لا مكان للحب ولا لمن بصِدق يحب..لا مكان لإبتسامة صافية ولا لمن يبتسم بلا أجر.. نعم لا مكان للبسيط ولا لمن يحيا ببساطة...


المنطق قال أن الزمن يخفف النقوش و الألوان من على الحوائط الألواح والجدران...إلا الأسود..فإنه يترسخ يوما بعد يوم مؤكدا لى أن تلك الصفات الرقيقة البسيطة التلقائية، ذلك العنفوان البرئ والحب الصادق لا مكان لهم..ضاق الزمان بما رحب وضاقت الإنسانية بالإنسانية و نزف الإنسان الآدمية ... يصر الزمان على هزيمتى وهزيمة عقيدتى بأن الزهرة يمكنها أن تحيا بألوانها وسط الصخور والحياة القاسية الجدباء...يصر الزمان ان يثبت لى أن لا يمكن للألوان أن تتخلل خلايا السواد الذى نعيشه..و إن نجحت فى التسرب من خلال تلك الخلايا فإنه مؤقت قبل أن تختلط فى عراك مع الاسود لينتصر الأخير عليها ...
للأسف أصبحت أشعر بأن الزمان و القدر يمتلكان الجواب الصحيح..يقولان لى "يمكنك أن تختارى لون معيشتك طالما أنه أسود !!!



أتساءل، ألزمان والقدر من الإنسان ينتقمان بعدما لوثهما الإنسان بسواد دامس بعد الالوان؟
أيكافئ القدر والزمان من إختاروا العيش بالألوان؟

إننا نحن من لوّنا الحياة بالسواد ..و إننا نحن من إضطرّ أن يسّود ضميرا وقلبا و إنسانيةً لنستطيع العيش فى زمن و حياة لطخناها نحن بالسواد...وإنه الزمان والقدر من يرد إلينا الصفعة فلا علينا أن نشكو من قسوة من أسأنا إليه...

أيها الإنسان...أنت من سوّدت جدران الحياة بأنفاسك الملوثة وضميرك الميت و قلبك المتحجر...فتحول الأبيض إلى الأسود ليحيا فى دنياك المظلمة...فأعلم أن الزمان و الأرض و القدر و الحب و الحياة جميعهم يبلغوك أنه "لا تَصالُح" ....

أيتها الحياة، أيها الزمان، أيها الحب وأيها القلب الذى أراد ببساطة أن يحب، أعتذر لكم جميعا فلا مكان لكم اليوم بين جنبات عالم سمى نفسه "إنسان" ..فكنتم أنتم عنده فى "طى النسيان" ..

"  ويستمر الإنسان ينزف "آدمية حتى يجف و يصبح كالجماد الصامت بلا هوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق