الأربعاء، 29 فبراير 2012

ليست الغرابة فى لقاء ال29 من فبراير بمواليده بعد غياب دام أربع سنوات و قد تقدموا عنه فى العمر أربع!

فى مخيلتى رسمت لوحة أرى فيها حبيبتى  مصر و قد أصبحت ميدان تحرير كبير، فى كل ركن فيه الكل يغنى على ليلاه ، يمسك بطيارة حلمه الورقية المرتفعة فى سماه، يلهث و يجرى غير مبالٍ بنهج خطاه، تزداد المتناقضات يوم تلو الآخر و أتساءل هل من منتهاة؟ فى ركن من الأركان أرى أناس من كل الألوان يصطفون على لوحة أرقام..أسهم البورصة بلغت من إرتفاع المعدل أعلاه منذ 7 أشهر.. يا سبحان الله ! أو قد أتت النيران أمس على 51 من نقاء سيوة و تركت الراعى فى ويلاه؟! مؤكدةً إرتفاع رصيد الإنفلات الأمنى من الغزاة؟؟..

فى الركن المقابل، مرشحى الرئاسة فى عالم آخر، كلٌ يرى نفسه فارس الزمن الهادر و على إنقاذ أرض الكنانة هو الوحيد القادر، ملك الملوك،فارس الزمان.. يتبختر على طائر التخطروان..يغنى على الألحان "انتخبونى فأنا منقذ الأميرة حَب الرمان"...

فى الركن الثالث، حكومة و قضاء خانع..غير لائقَيَن بمن كان فى حراسة كنوزها أمام أهراماتها طول الزمان قابع..خنوع ينتفض له القلب من المضاجع..يا أم العروبة كيف نفعل بك هذا و كان الكل لك هو التابع؟؟؟؟!!
فى الركن الرابع، غرفة العمليات فى تخطيط ليل نهار..كيف نسرق الثورة من الثوار ؟.. كيف لحلم الحرية أن ينهار؟ كيف يحلف المصريون بيوم من أيام مبارك الإستقرار؟...كيف للأحرار أن يستقروا فى القرار؟ كيف يُيهزموا فى عقر الدار بعد أن تلوذ الحاشية من الإعدام بالفرار ؟...يا الله يا ستّار من هؤلاء الأشرار..

فى الركن الخامس..نعم الخامس، ألسنا فى زمن المتناقضات ؟ فصل دراسى يُخَيَّل إلىّ أنه لمدرسة حضانة يدعونها "حصانة"..فى رداء المدرسة فى بياضه شديد النصاعة..أطفال مصفوفون فى صفوف،على مدار الساعة.. شلة للكلام بيّاعة، شلة غير الإعتراض مابتعملش حاجة..و شلة ثالثة يتهمها الباقون بالفسق و المياعة..  يا سادة، برطمان الثورة من هزله منعوه من الإذاعة..
ليست السنة كبيسة لل29 من فبرايرها و المتمم ل366 من أيامها و ليست الغرابة فى لقاء المولود فى ال29 بيومه بعد غياب دام أربع سنوات، بل الغرابة أن فى كل هذا الإنفلات، أسهم البورصة فى إزدياد، أن صوت طلقات الرصاص فى الشارع أصبحت تألفه الأذن و كأنه للعيد مفرقعات، الغرابة فى أن من يرتدى ثوب الخيانة العظمى من رأسه لأخمص  قدميه يتمتع بمحاكمة فاقت من الخيال محاكمات شيكسبير فى الروايات..الغرابة فى حكومة و قضاء تخليا عن قضية قاتلوا من أجلها بشراسة و فرضوا حذر السفر على أفرادها بلا غضاضة..ماهذا الهزل؟ أليس هناك قول فصل؟ أليس هناك كلمة عدل؟ ..كفانا هراء و مراء و نفاق و رياء.ألم نسقم  السفهاء، ألا أبدا نطمح للعلياء؟؟ ..

أيها المصريون، إلام تطمحون؟ .. ماذا تنتظرون حتى لحالكم تصلحون و ببلدكم تتقدمون؟؟؟...آمل أنكم لا تنتظرون لحظة طى السماء كالسجل ..لحظة رفع الأقلام و جفاف الصحف.. أتمنى!

عاليا...

السبت، 25 فبراير 2012

سيرك الثورة المصرية ... بمشاركة برلمان الحضانة بلا حصانة !




اليوم سأدعوكم لأمسية مسلية استجمعت فقراتها على مدار العام المنصرم (اللى أخدنا فيه كتييير بالصُرم)... و خاصة أن الموضوع مؤخراً أصبح هزلى و مضحك جدا كما كان أيام الجرير و الفرزدق أيام الجاهلية.. فتأنقوا و استعدوا لسهرة ممتعة بالسيرك السياسى فى أم الدنيا مصر... أصل فى السيرك كله موجود..مفيش مستحيل و الممنوع مرغوب ومافى شيئ عن العين محجوب.

تخيلوا معى المشهد أولا، أرض السيرك تشبه حلبة الرومان زمان، يلفها  فى شكل دائرى الحضور من كل الأعمار و الالوان المتشوق للفرجة و بعضهم للمشاركة..المقتدر و الصفوة فى أول الصفوف على الكراسى قدام و البسيط بكام جنيه قاعد على دكة تشبه اللى عليها يوماتى بينام..
 
إضاءة خافتة على الحضور و كشافات و إضاءة مسلطة على الحلبة التى سيدور بها العرض...
الكل متأنق، يستعد لتقديم فقراته..جاهزين؟؟؟... يلا بينا..
ششش، هدوء..لا صوت لا حركة..فجأة،موسيقى صاخبة تكسر الصمت، هتافات فى كل مكان و حارة و زقاق، اللحن بيقول"الشعب يريد إسقاط النظام".. تطرب الآذان، يصفق الحضور و يهلل..و يشاركون ،البعض بترديد الهتاف، و البعض الآخر يكتفى بالتصفيق و بعض ثالث لايعجبه اللحن و لاينسجم مع الأداء...باين من عبوس الوجه و تعكير الصفو..بعض رابع يشاهد مذهولاً ما يحدث..و يشب من الصفوف الخلفيه عله يحصل على رؤية أفضل...

 يدخل للحلبة مقدم العرض راقصاً على أواخر نغمات الموسيقى.. حتى يخفت الصوت و ينتقل الميكروفون لمقدم الفقرات ليقول "عمتم مساءً يا سادة ...نتلاقى حباً و سعادة ...أمسية حلوة تجمعنا.. و فيها ..العِبرة (ستتحول لعَبرة فيما بعد) تنفعنا...فى مكان ما، فى يناير ما، حدثت تلك المباراة، بين المارد الفاسد العملاق بسلاحه الفتاك و شباب الورد الخلاق بالعلم و اللافتات لم يكف عن الحراك ..ليسجل الأخير هدفا و يبقى النظافة فى مرماه ... أنظروا لوجه الحضور،حواجب مرفوعة للأعلى، عيون جاحظة،ياللدهشة! ما هذا التناقض؟؟؟
ماتستعجبش،ماتستغربش، فى عالم السحر كل شيئ ممكن...آه، إذا فقرة الساحر هى الأولى...
الدنيا يلفها الظلام الدامس، دخاااان كثيف يكسر بلونه الأبيض وإرتفاعه لأعلى خيمة السيرك سواد الظلام، غاااز مسيل للعيون يخرج من خلفه من الأبطال الأنقياء مليون!!! كلهم عزم و قوة و أمام الغاز صامدون... ما قلنا ماتستعجبش و ماتستغربش، فى السحر مفيش ماينفعش...


أوباااا، يظهر الساحر بعُصيِّه و حاجات و محتاجات تملأ جعبته و الأرانب نايمة فى أكمام بدلته..
نظرة على الحضور، صمت و ذهول..ترقب و جلسة منتظرة، ميل للأمام و عيون على الساحر من الأعلى منحدرة...
يبدأ الساحر بحركاته السريعة بيديه و قد أرتدى قفازاته البيضاء الأنيقة ..هوب،هوب ، منديل ملون و ثانى ملون و ثالث و رابع، ما هذا، أخيام التحرير هى؟ نعم إنها لهى..يكور يديه فتخرج مرتبطة بعضها ببعض..منديل تلو الآخر، يكور يديه مرة ثانية، تخرج منديل واحد أبيض،ما هذا الاتحاد الجميل؟ يكور يديه مرة ثالثة، تخرج منها عشرات العصافير البيضاء و الملونة لتطير وتطير و تنتشر بالأعلى، بيضاء نقية ، إنهم لشهداء الحرية..تطير للأعلى و تأخذ معها العيون والقلوب لمنظرها الجميل و فراقها العزيز.. يخطف الساحر الانتباه مرة أخرى، ماذا لديك فى جعبتك ياتُرى؟
يدخل يديه فى جيبه و يخرج منها أوراق اللعب "الكوتشينة"..لعبة قديمة..يفنطها مرارا و تكرارا، يبعثرها و يجمعها و يلعب بها بخفة و سرعة و مهارة...
"يستفتى" الحضور، عن ورقة الدستور .. فى أى يدٍ خفاها مسرور؟ و هل الدستور المغمور مُعطّل؟ أم مُرقّع؟ مخطط ولا منقط؟ ولا دستور جديد مسطور؟ لن تعرف لو كنت قاعد مطيور...

يشارك الحضور والجمهور فى ورقة الدستور..أووه..نتيجة ستأتى بمن كان مغمور للحضور و كان فى السجون قديما غير منظور..
إذا ورقة الكومى لاتزال مع الساحر مسرور، يلوح بها للحضور فى سعادة و حبور..و لكن مع مسرور ورقة أخرى فى جيبه المسحور..إنها لولد الكوتشيتة الرابع، سيحتفظ بها لآخر العرض..فقد أحرق ثلاثة و بقى الرابع الذى سيكون لباقى أوراق اللعبة "جامع" – هيقش كل الورق على الساحة..
لازال مع مسرور الكثير و الكثير، صواريخ و خراطيش،  و ألوان فى الهوا تطير و تطيش،  و تعلا و تلمع،  و العيون تعمى و تدمع،  و اللى ياما يشوف هواللى بيعيش...فى السحر مفيش "مفيش"...
بنظرة و ابتسامة، مسرور يكمل العرض و يلبس هو الكمامة..إيه ده؟ "الساحر مسرور" معاه بدر البدور، بيحطها فى صندوق أنيق و بيها للحضور بيلف و يدور.. بدر البدور اسمها "ثورة" من مواليد يناير..هتعمل إيه يا مسرور؟؟!!  سيخ و سيوف و سكاكين و كله مسنون...بالمنشار  ينزل و ينَخوَر، يقسم "ثورة" نصين و أكتر، الحضور بس عمّال يصور، و يألف فى الخدعة و يحوّر..الله ينوّر..

تصفيق حاد..و تهليل جاد..برافو يامسرور، (شكلك كدة طلعت سياّف شهرزاد، ست السبع بحور)...قفاز مسرور مش أبيض زى ماكان أول العرض، بالذات بعد فقرة "بورسعيد".. ينحنى مسرور للحشد و لسة الورقة إياها  فى جيبه المسحور..بوسة هنا و بوسة هناك..تتوزع على الأحباب و الأصحاب..يدخل مسرور ورا الستار، خلف الكواليس و يختفى عن الأنظار..همممم
تتعالى أصوات الجمهور..فين العملاق الجبار..هو و حفنة الأشرار؟...إزاى طليق فى شرم الشيخ و لازال فى إيديه كل الأزرار؟؟؟؟...
بسرعة و نشاط، تجهز الحلبة للعرض الجاى..قفص كبييير كبير، يفصل بين الأسد الجريح و الجماهير..قفص عالى بس عشان يحمى الأسد و المشاهير مش العكس كما تعودنا فى حكايات الأساطير..


ها! إنها فقرة الأسود، اللى كانوا منتهى الجبروت، إنتهى بهم الحال فى أخدود بس سياحى شوية، أخدود لطيف مفتوح الحدود..يدخل أسد عجوز، وراه أسد ريحة فساده تعبر الألف من السدود، وراه أسدين شباب، يستاهلوا بعد النمردة قطع الرقاب..لبؤة لئيمة عملالنا سقيمة.. يكمل العدد إلا شوية..40 أسد و ضبع و معهم "ديب"..هما ال40 حرامى اللى لسة فى منهم 400 برة و القائمة تزيد..يدخل المروّض..بس المرة دى مش آل الحلو..آل رفعت..يضرب بالكرباج بس بحنية، يتحول الأسد يمامة،حمامة سلام نايم على سرير فى إستقامة و قَيامة..  و ولديه واقفين آخر نظافة و حلاوة..فى إيدهم مصحف لما تيسر من التلاوة..و على  شمالهم واقف العجوز "الحبيب"..داخل خارج من و إلى القاعة بلا رقيب ولا حسيب و لا حتى فى إيده حديد..!!!!
باقى الدكك أصطف عليها الضباع، تعوى و تعوى ..يالهوى! و الديب متباهيا تحت فم الأسد الكبير منافقا" ما هذه الرائحة الفاتنة يا ملك الغابة؟ مسك؟ عنبر؟ الله أكبر!"
عرفت عن الأسد النبل و لكنى عرفت أيضاً أن عندما يتعود على دم الإنسان فإنه يصاب بالسَعَر..ولا يستطيع عن دم الإنسان أن يتوب إلا بالسَحَر!

كانت الحلبة ممتلئة بالأسود التى شاخت مسعورة و نقلت العدوى لباقى الحاشية..يدخل المساعدون حلقات من النيران، يضعها للعيان فى بيان..الكل يرى و ينظر و يتربص..يضرب الكرباج فى الأرض، تسمع طقطقته و فرقعته ..يزأر الأسد فى إستنكار..و يكشر عن أنيابه التى أنغرست فى أرواح و أجساد العصافير..يجهر المروّض بصوته الجهور، يلا يا أبو السباع نط بين حلقة النار ووراك باقى الطابور... و يهمس "ماتخافش،هتخرج منها سليم أنت و اللى معاك" ..وعد، عيب هو إحنا حريم؟؟؟...ينط الأسد من حلقة للتانية، يخرج سليم، يصفق الحضور،يبتسم مسرور من خلف الكواليس، و تبقى بضعة حلقات نارية سنعرف نتيجة قفزتها فى يونية و عليكم خير لو كان عقلى و عقلكم لسة سليم...

تدخل الأسود الهرمة إلى مخدعها و هى تتمخطر و تزمجر و تزأر و تنظر و تتوعد و تحذر...صبرا ..صبرا

تُخلى الحلبة و تجهز لإستقبال أهم فقرات السيرك السياسى، فقرة ينظرها الصغار قبل الكبار من جميع الفئات و الأعمار، على أحر من جمر النار..حزر فزر..مين المختار؟


مجموعة من المؤديين، متشابهون فى الشكل و الملبس، أها! إنهم "المهرجون"...نعم رأيتهم يغنون معنا النشيد اللإفتتاحى "الشعب يريد إسقاط النظام" و من ثم إختفوا!!! و الآن ظهروا، جماعة ، دخلوا الحلبة، ملأوها عن آخرها ، متعددين، مختلفي الأطوال و الألوان..
مامعنى "مهرج"؟ ليس معناها المضحكون كما ألفنا.. بل هم من يثيرون الهرج و المرج و لكن بشكل كوميدى يجعل أساريرك تنفرج لحركاتهم و إيماءاتهم و لوحاتهم و مونولوجاتهم الفنية و الخيالية.
 
المهرج أو البلياتشو و دعونى أعيد كتابتها بما يتوائم مع دور المهرجين فى سيركنا السياسى لتصبح "البلية" تشو، يختفى وراء قناعه أو ماكياجه، قد يكون شديد الحزن خلف القناع الضاحك، قد تكون عينيه دامعتين أو متوعدتين خلف تلك الابتسامة أو قد يخفى عظيم النوايا و خاصةً لو كان قناع "بانديتا" كما يشيرون !!
يبدأ العرض، صخب و أصوات و ضحكات و زعيق، بكاء و ضحك ، حركات بهلوانية، ورد يتفرق على الجمهور ، للحلوين و الحلوات، لعب بالكرات فى تتابعات و شغل تلات ورقات! قفزة هنا و قفزة هناك.. يرتدون أحذية أكبر من مقاس أقدامهم لم يألفوها من قبل، يرتدون ملابس تتعدى حجم أجسادهم بهيهات و هيهات..و إليكم اللوحة الفنية بإختصار ياحضرات..ساحة العرض أي وكأنه برلمان، من كتر ألوانهم انقلب إلى برطمان، يضم العديد و العديد من الإتجاهات ..دينى، سلفى و قليل من الليبرالية كمان و إشى خيالى ياناس..ها، لسة فى حد حيران؟
بهلوان بألوان، يتكلم و يشاور، غضبان طهآن يقوم و لرئيس البرطمان بيحاور..إيييهههه و ليييه و هيييه،أصوات زملائه البهلوانات من وراه و حتى المجاور...هاموت من الضحك على العرض الهزلى و عيونى تدمع مش عارفة من الضحك ولا من الحسرات...أصل مع كل نمرة كان فى وعد فات راح و مات...تنتهى الفقرة بوعد أنه لن يتم إذاعة الجلسات فى الإذاعات، و هو يعنى إشمعنى المحاكمات؟؟!!
برلمان حضانة..عن شغل العيال ماعندوش حصانة، فصل تلاقى فيه من الهولز لللبانة و علان بيتكلم مع علاّنه، وواحد نازل لزميله من فوق يقوله "هات الخرطوش يا فاسق يا ابن الجبانة!!
استراحة.. قمت من مقعدى، أدرت ظهرى للحلبة السياسية من الدقائق بضع ،خرجت أتنزه و اشم بعض الهواء النقى خارج خيمة السيرك،هممم، كم كنت بحاجة لهذا الفاصل..لم أعد أستطيع أن أواصل بعد كل تلك المهازل..طبعاً ما احنا فى سيرك و فى السيرك، لا شيئ مستحيل..أغمضت عينىّ، غبت عن حلبة السياسة ثلاث أرباع الساعة لم تغب مهزلتها عن ناظرى ولو لثلاث ثوان.
عُدت لاستكمال فقرات سيركها المليئ بالمفاجآت..وجدتنى لا إراديا إحدى بطلات فقراته الخطرة،الترابيز.. الحضور كطائر الفلامينجو عندما تهطل عليه الأمطار فى البحيرات، ينظر لأعلى، نظراته مُعلقة ، أنفاسه محبوسه و قلوبه وجلة!! إستضفتنى السياسة ومعى الكثير فى جولة جديدة لعبت خلالها الترابيز فى سيركها الكبير المليئ بالحضور، أخذت تتلقفنى أحداثها الهزلية من تجاوز زياد العليمى و همج البرطمان (البرلمان) إلى عُزلة بورسعيد، لفتين فى الهوا..فيمسكنى عار فقراء الصعيد الذى لايزال عن بال بهوات البرلمان بعيد..لتنتهى اللفة الأخيرة بنشاز لبيت شعر تهجأه مبارك و آيات تلون بها العادلى و دموع تماسيح أفرزها المراسى..تُرى أين ستنتهى قفزتى؟ على الجهة المقابلة لإنطلاقتى لأهبط عليها بسلام و ابتسام ملوحّة لأصدقائى بسعادة وصولى بأمان؟ أم سأسكن براثن الشباك التى تحول بينى و بين الأرض إرتطام ؟ عسى وقتها أن يقفز لتعثرى الحضور الباقى من على الكراسى فينقذوا ما تبقى من كرامة مصر بعد كل تلك المآسى....

لم تنتهى فقرات السيرك يا سادة، لايزال تحت الخيمة الكثير و تحت القبة الأكثر...إلى لقاء قريب فى عرض جديد..و السيرك السياسى ..و مزيد من المؤدين الجدد، الساحة مليئة بالبهلوانات...ليلتكم سعيدة..

عاليا ...


الجمعة، 17 فبراير 2012

E-gypt: أكانوا يتنبأون؟




علمونا فى مدرستنا .. علمونا حاجات كتير... سمعنا فى مدرستنا من الصغير و الكبير..إن مصر كانت أول دولة فى العالم فى و فى و فى ..مصر أصل معظم الأشياء و كله مكتوب و متصوّر بالهيروغليفى ..و  "إشى خيالى يا ناس".
"جبت" هو اسمها عند أهل اليونان و الرومان و أوروبا بتاعة زمان ، "جبت" التى غازلت الفرسان و الملوك و قدسّها الرهبان، فى كل الأديان، فى كل صلاة و مع كل أذان...المصريون ،نحن، هم أول من فعلو ا الكثير من الأشياء، فهم أصل لعبة التنس "نسبة إلى مدينة تانيس" .. هم أصل كلمة " Racket حيث أنه كان يسمى "راهات" أى لحف النخيل فى مصر الفرعونية أيضاً..
 المصريون، نحن، هم بناة الأهرام" هم من عرفوا أن الشكل الهندسى للهرم له دور فى حفظ الأنسجة الحية من التحلل (أتذكر حلقة د/ مصطفى محمود الرائعة فى ذلك الموضوع وهى بيت قصيدى)..

المصريون، نحن،  هم من نجحوا فى بناء معبد أبو سمبل بزاوية هندسية بارعة حيث تتعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثانى الجميل فى يومين فى السنة لا ثالث لهما، يوم ميلاده و يوم جلوسه على العرش، تضيئ الغرفة بأكملها، تضيئ قدس الأقداس...ياااه كم نحن عظماء..كم يخفق قلبى و يقشعر بدنى عند كتابة تلك البراعات..

و لأن تاريخ الأمس هو لغز الغد، و لأن التاريخ هو ظل الإنسان فى الارض، و لأن التاريخ هو امتداد الولد للجِد، لم أقرن "المصريون" ب"القدماء" بل ذكرت "المصريون نحن" .. نعم نحن الامتداد لهذه الحضارة، نعم نحن من نفس البيئة و الطينة، نعم نشأنا على نفس الرقعة، نعم شربنا من نفس المجرى، نحن المصريون أعظم الشعوب، كنا و لازلنا،  لعلنا كنا فقط كسالى و الآن قمنا.. و عدنا فأصبحنا "أول من"..

الآن يمكننى أن أرسم بخيالى الهزلى معنى جديد لمصر فى اسمها المعروف للعالم "E-gypt" كما رأيتها اليوم، على وزن ال e-mail و ال e-commerce" أرى أيضاً e-gypt !!!! مع أنى لا أحبذ العالم االكترونى لأنى أراه عالم إفتراضى، حتى و إن أشبع رؤيتنا بالبعد الثالث و لكنه لازال فاشلاً فى أن يحقق لنا حاستىّ "اللمس" و"الشم"  و "الإطعام و الشبع" إذا جعنا، هذا العالم الذى يجعلك تأتى بالأصدقاء و الأحباب و الأفلام و الساسة و المطربين  فى سريرك فى أى وقت تشاء، عالم لايجعلك ترتدى زيا مخصوصا لاستقبال ضيوفك، بل يمكنك أن تكون مرتدياً بيجامتك و أشعث الشعر و أنت تتحدث إلى فتاتكJ ، عالم يمكنك الإهداء من خلاله الكثير من الهدايا ببضعة جيجا بايتس و انت فى قمة الإفلاس، عالم اختصر المشاعر فى نقطة و قوس.. بإختصار، لا أحب العالم الالكترونى الصناعى لانه لن يضاهى أبدا الطبيعة و رؤية العيون و لكن..

 نحن الشباب المصرى أول من استخدمناه لتبديل ثوب مصر..

بجانب أن مصر هى تقريبا الدولة العربية الوحيدة التى يختلف اسمها كليةً عنه بالعربية، فهى أيضاً أول دولة عربية قامت ثورتها عن طريق العالم الالكترونى. تونس قامت لموقف حدث فى الشارع بين شاب حائر فى الحياة تتلاطمه أقدارها العبثية الساخرة ، فتترجم صفعة شرطية على خده! ينهار بوعزيزى و كرامته العزيزة على نفسه، يحرق نفسه فى دقائق، فتهب تونس كلها له بغضب شاهق و تنقلب كالطود على الفاسد، تونس غيرت جلدها...
مصر، تغلى و تغلى على صفيح ساخن، نسى المصريون عظمتهم على مر الأزمان، تنكروا لمصريتهم و لعنوا البلد على اللى فيها..سادة الدنيا و مُعلمى العالم ساروا فى شوارعها منكسى الرأس، خاويى القلوب من حبها لخواء الجيوب..أنظر لأحذيتهم لتعرف كم أهلكتها متاعب الدنيا و كم سلكوا من الدروب و كم أخذ منهم الزمن ومن رأسهم الذى اشتعل شيبا فى ريعان الشباب و سار شعب للهم مغلوب.. لا والله لَيخجل الذل من المصريين لأن يفعل بهم هكذا، لَتأبى المهانة على أن تنكل بالمصريين فلم يعتاد الذل ولا المهانة أن يطأا أرض مصر المحروسة...و أن يستكينا فى نفوس شعبها...

المصريون الشباب، نحن، تقابلنا، تعاهدنا ، نوينا و أتفقنا أن نزلزل مصر، نطرد منها الذل و الضعف و الفقر، لكن ليس على صفحاتنا الالكترونية هذه المرة، أصل خلاص، كنا بطلنا "نتسلى" ..الميعاد كان إليكترونى و التنفيذ كان فى كل شارع و حارة مبهرا للعيونِ .. كنا أول من فعل ثورتنا بميعاد إليكترونى بين آلاف فتجمع الملايين...ثورة كانت كثورة البراكين..، يا شباب، إفتخروا فأخيرا أعدنا جملة " المصريون هم أول من " ..فكنا نحن أول من ..

(على عكس البركان، الثورة ستستمر مهما طال الزمان على كل من فسد أو خان)

يا شباب النيل، أتدركون أننا بانتخابنا رئيس مدنى، سنكون أول من يجيئ لمصر برئيس مدنى و بالإنتخاب منذ ميلادها على الأرض؟؟؟

شباب النيل، فخورة أنى من جيلِكم و أنكم من جيلى، فخورة بأننا سطرنا فى التاريخ الحديث مجد "أول من.."
فخورة أنى مصرية، أنتسب لمصر فى مختلف تصاريف اسمها فى اللغة و قواعد الصرف النحوية
ف "مصر"اسماً :تعنى البلد المتحضر المتمدن
و "مصر" تاريخاً: تعنى بلدا محبوبا عند الفراعنة تختصر العالم و الكوكب
و"مصر" فعلاً : تعنى الإصرار
و "مصر"جنسيةً: هى لى أحلى و أعظم الجنسيات

أعشقك يا أم التاريخ.. أعشقك يا تاريخ الأمس و لغز الغد.. أعشقك يا جنة ضاحكة للمسالم و يا جحيم ثائر على أعاديك
 أعشقكم يا من جعلتمونى أعيد كتابة "أن المصريين هم أول من..."

شكراً لكم.. شكراً للشهداء، للمصابين، و لشباب الثورة العاشق

ثورتنا السلمية و نضالنا النظيف و كفاحنا الأبيض مستمرة

عاليا الفخورة بكم و بمصريتها أوى

الأحد، 12 فبراير 2012

وداعاً درتّى العقد... عزائى أنكم هنا بجانبى فى أحضان سيدة الثغر

أشعر بمصرنا حزينة، مظلمة رتيبة، تزِّن كالطفل في حيرة، أشعر بمزاجها العكر و أنينها المستتر ، و دمعها الصامت المنهمر، أشعر بشوارعها المظلمة و كأنها بالسواد إتشحت حزنا، أشعر بأشجارها العالية المعمرة التى أنخفضت أغصانها كلأم الثكلى، حبيبتى ما بكِ؟ أأراك تنعين حظك؟ على جوهرتين ثمينتين فى يومين إنفرطا من عقدكِ؟ تاركين الكثير من لآلئ الزيف العتماء متشبثين برقبتكِ؟ لا و الله لا تهنى و لا تحزنى، فإنى لأسمعهما يهمسان لنا من أنشودة حبيب سبقهما إن شاء الله لجنة الخلد يتغنيان"فلترفعوا عيونكم إليّ لربما ...إذا التقت عيونكم بالموت في عيني ،يبتسم الفناء داخلي لأنكم رفعتم رأسكم .. مرة..."
حبيبتى، أيوما رأيت الورود تحرص على الحياة بعد أن تسر الناظرين؟ أيوما رأيت الشموع لا تذوب بعد أن تنير للعمين؟
أراك بالنفى تومئين؟ فأنت تعلمين أن الورود تموت و تبقى الأشواك .. أن الشموع تذوب و تبقى دوبارة سوداء تحمل آثار الجذوات... هذه حقيقة كل الحيوات..

حبيبتى، لا تمكثى طويلاً فى أحزانك الهيهات.. فما عرفنا ماذا خبأ لنا فبراير من المزيد فى الجعبات ...

فبراير، جئت هذه السنة بتسعة و عشرون يوماً فقلنا جعلت العام كبيساً، عام أملنا فيه تحقيق الأحلام بعد أن كان أخوه الأكبر لنا كابوساً و للأنفاس حبيساً، فبدأ قطارك بحصد الأطفال فى بورسعيد فى مشهد مَهُول كالسكير أخذ يملأ من أرواح البراءة كئوساً.
مضى قطارك من بورسعيد تاركا إياها وراءه تنزف الآهات و الفزعات جروحا. يقف قطارك فى محمد محمود، أرى دخانه المسيل للدموع و قد أغبر الجو حتى حجب أشعة شمس الشموس. ترتفع صفارتك فى الفراغ معلنة إكتفاءك من المصابين و إزهاق النفوس..يكمل قطارك فى صفير إنذار، قادم أنا و معى القدر آخذ المزيد فى عربتى فى عبث و استهتار.. لتتفتح أعيننا يوم الجمعة و قد بلغت العشر من الأعمار فتخطف فى خيانة أثناء سبات دينامو الأفكار ، شاحذ الهمم عبر الأقطار فى حريق تصاعد لعنان السماء كذرة غبار...ينتهى الحريق و ينطفئ معه إنسان كان طاقة للثوار...أحزنتنا هذا اليوم لفراق درة يا غدّار...
تقبلنا و مضينا و لكن سبقنا قطارك ليكمل المشوار..لتفزعنا مرة أخرى اليوم و قد زادت سرعتك فى أداء الأدوار، لتلكز السامر ، الساخر، بسمة الأحرار ..جلال عامر فى قلبه الباسم المغوار..يقع أرضا و يتحداك.. و يصرخ فى إنهماك "المصريون يقتلون بعضهم" ..تتبسم و تتوعد و تجدد الميعاد، تزوره و معك عزرائيل و تقطف من حديقة مصر عيد باهر،على الفساد بكلمات قادر..خطفت أهم الأعياد....
فبراير، كفاك.. سمعت أنك شهر العظماء، و سعدت أنى من مواليدك فأنت المختلف بين إخوانك الأجلاء...كفى، فقد ملأت قلوبنا حزنا و ضنى...
أساتذتى و فخر بلادى، لن أحتفل بعيد ميلادى..سنكمل بملابس الحداد.. إلى أن نحقق المراد .. أو نقابلكم فى هيئة رماد

وداعاً دينامو محركنا إبراهيم الفقى، وداعا بسمة أيامى جلال
عامر،
عزائى أنكم هنا معى، بجانبى
، فى أحضان سيدة الثغر..جعلتمونى أعيش وسط الجواهر ...
 إبراهيم الفقى..جلال عامر..كلماتكما ستكون أغلى أقراطى التى أزين بهما أذنى...

أهل بيتى المصريون..لألماس مصر أسألكم الفاتحة ... و على شرذمتها، أسألكم الدعاء إلى يوم القارعة
و تذكروا، كلما زادت وحشتهم ، فلنرفع عيوننا إليهم لربما .. إذا التقت عيوننا بالأمل فى عينيهم، تبسم الفناء داخلهما، لأننا رفعنا رأسنا..مرة أخرى


عال;(ا

الأحد، 5 فبراير 2012

محمد حسنى مبارك هو أول رئيس للجمهورية


محمد حسنى مبارك هو أول رئيس للجمهورية ....

لا تستغرب ولا تستعجب ولا ترفع حواجبك!

نعم محمد حسنى مبارك هو أول رئيس للجمهورية، لو كان هو محل التخصيص فالنعيد صياغة الجملة إلى
 "محمد حسنى مبارك هو أول رئيس لجمهورية الفساد و أنعدام الضمير " ، أما إذا كان تركيزنا على حبيبة قلوبنا مصر فسيكون تركيب الجملة كالآتى
" محمد حسنى مبارك هو أول رئيس لجمهورية مصر العربية الذى يخونها و يعمل جاهداً على تركيعها للأعداء و يسهر ليال ثلاثون عاما (إلا قليلا) على نهبها حتى طمى نيلها!
و لأجل عيون العلم و العلماء فسأقول :
 محمد حسنى مبارك هو أول رئيس بعد النعجة "دوللى " الذى ينجح الزمان فى إستنساخه فى عدد ليس بالقليل من الفاسدين من رأس مصر إلى أخمص قدميها، و لكن على عكس "دوللى " التى شاخت و ماتت، شاخوا هم و لكن لم يموتوا لا عمراً و لا فساداً.
محمد حسنى مبارك هو أول رئيس جمهورية فى حياتى.

و لو أردنا إعراب الجملة فالتكن كالآتى:

محمد: اسم برئ منه لأنه لم يحمل من صفته ولا من صفة صاحبه شئ (آسفة لذلك ولكنها الحقيقة)
حسنى: حُذفت نقطة بالخطأ فأصل الكلمة "حُستى" و حوسة المصريين
مبارك: لم يكن مباركاً أبداً على أم الخيرات وسلة الغذاء مصر و عليه فأصل الكلمة "مو بارك"
 و الأسماء الثلاثة ضمير ليس مستترا بل منعدم..

قلبى يقطر حزناً على ما أكتب لأنى لست أحد غربان العش الذين سارعوا بالصياح أول مانفرج عن عشهم الغطاء، كانوا مذلولين طوال السنين و بعد أن فعلها الغصن الغض و أطاح بطائر الرُخ، خرجت للغربان الهارمة أصوات و تلونت مثل الحرباء... مش ده موضوعنا.. و لكنى أكره أن أكتب هكذا على شخص تشرف بالمشاركة فى حرب 6 أكتوبر (بغض النظر برضة عن إن الحقيقة إننا أتهزمنا و العدو كان خلاص داخل القاهرة و كدة – أتركونى سعيدة بالنصر و بلاش غم كفاية اللى إحنا فيه) و ضحّك إسرائيل على كلمة "صاحب الضربة الجوية الأولى" التى تقريباً لا محل لها من الإعراب فى قواعد نحو و صرف الجيش! و بالتالى :

محمد حسنى مبارك هو أول رئيس يطلق نكتة "صاحب الضربة الجوية الأولى" لتضحك الصهاينة.

القيادة شئ ، قيادة الدولة شئ آخر و أما قيادة مصر فهى شئ مختلف تماما، رئاسة مصر شرف لأى زعيم  ..مصر نوط شرف على صدر الأبطال، هى الجائزة الكبرى كما أطلق عليها الطامعون من الأعداء..نيشان يجب لكى تحافظ على بريقه  أن تحرسه و تحافظ عليه ، أن تنفض عنه الأتربه كلما انهالت عليه و أن تنظفه بحرص من آن لآخر بقطعة القطيفة التى تمتلكها خصيصاً له.

 تعالوا نجيب أول الشريط ،من أيام الفراعنة، فرعون الجبار كما ذكره القرآن و الصحف و الأخيار..إفتح معى سجل التاريخ، سجل كبير عريض، فى صفحاته مُهترى، ها..ماذا ترى يا هل ترى؟

دعونى أروى لكم ما أراه فى أول صفحات عُمر مصر، صفحة بردية شاسعة لامعة صفراء ، تمثل الصحراء، يخرج منها دفء، إنها الشمس تشرق عليها و تحتضنها فى لقاء و محبة يومية، رمال ناعمة ذهبية تلونت من مسح أشعة قرص الشمس الجرئ...

أقلب الصفحة، ما هذا؟ حركة هنا و هناك، حركة جادة دؤوبة ، لا تكل ولا تمل، مجئ و ذهاب ، عمال، فلاحين و أرباب، فى الركن البعيد أحد الكتّاب، يسجل للتاريخ ما أقرأه عليكم الآن..
تجارة رائجة مع بلاد الحبشة، عطور، بخور أبحرت بحور من أجل جميلة الجميلات نفر السيدات..
ملوك، منها عادل، منها طاغٍ و منها شاب عمره عشر فأصبح فرعونا أنخفضت له الهامات تقديرا حتى اليوم...و إرتفعت له التساؤلات، ما سركم؟

 أقلب الصفحة، أرى فى أعلاها قاعدة هرم و فى أسفلها أعمدة تستعد للشموخ و الصعود و الصمود لتحمل معبداً شاهدا على عظمة و حرفة بُناته.

صفحة بعد الصفحة، الهرم يعلو و يعلوا، أبو الهول تكتمل عضلاته و قعدته ، فى الجنوب وجه الصخور تتغير ملامحه لإخراج أكثر المعابد شموخاً فى التاريخ (باسم سيدة) هى ملكته و صاحبته،  تكتمل الملامح، حضارات و إرث ثقيل أبهر العالم لساعتنا هذه، إرث سيصبح فيما بعد سفيرا و سفارة لأم الدنيا فى معظم بقاع الدنيا.

(إنتهى الفصل الأول)
                                                           
يااا ربى ، حتى فرعون بجبروته  بنى فى مصر و عمل لها أعظم حضارة فى التاريخ، حارب ليحفظ حدودها ولتظل من أعظم الإمبراطوريات (ناهيكم عن فرعنته و تكبره و استئثاره بالحكم) و لكنه... "بنى مصر",,,

(الفصل الثانى)                                                   
الصفحة التالية، زاهية الألوان، أحمر بلون النبيذ، أصفر بلون الخلخال الرنان، بيضاء بملابس اليونان و الرومان.. مجلد كبير وثير، ريشة تغمس فى الحبر و تكتب، لا تكل الريشة  ولا يجف الحبر، يسطر خفقان قلوب هيرودت و إقليدس و بطليموس و شوق الإسكندر ليُضاف لمصر اللون الأزرق الفيروزى فى غربها و المبانى البيضاء و منارة عالية لتجعلها من أهم الموانئ و بمسرحها من أهم الدور الثقافية العالمية و بمكتبتها و لفائفها من أهم بؤر الحضارة المشرقة على العالم أجمع... (ألا تخجل يا مبارك، فالغرباء بنوا فيها رغم أننا نقول عليهم إحتلال؟ )

الصفحة التالية، أنطونيوس و كليوباترا، لن نمكث عندهما كثيرا و لكن هى قصة حب شهيرة يقف عندها العالم بجموع غفيرة (جميلة و طاغية أنت يا مصر حتى فى رومانسيتك )

أقلب الصفحة، تزدهر الألوان أكثر فأكثر، أشعر بدفء السجاد و الوسائد التركية، غناء و خدم و حشم، و مبان عدة تنتهى بلازمة "ستان" و "خانة"..
أرى بعثات و بعثات تخرج من مصر و ترجع بعِلم زاخر ينهل منه المتعطشون داخلها، ثقافة فى إزدياد، تعليم فى إزدهار، شخصيات عميقة تخرج لنا بحكم و أقوال نظل حتى اليوم نكتبها فى مدوناتنا و نستأثر بها فى حساباتنا الإلكترونية...

و لكن...

أرى فى الصفحة التالية ذبول، إصفرار.. ديون و إضمحلال... فساد و رعونة..خديوى مسرف لا يعبأ، نعم قناة السويس بالسخرة و عدم قدرة على دفع تكاليف  "تمثال الحرية" (أيقونة نيويورك اليوم) و الذى نحته جيوستاف إيفل خصيصا ليتوّج قناة السويس يوم إفتتاحها. و لكن يظل الهدف هو أن يكون لمصر الخلود.

الملك فاروق، وقع فى الفخ و لكنه لم يكن لصاً، كان يحب مصر بطريقته المترفة، يريد أن يراها قطعة من أوروبا فى المعمار و الأبهة و المنجهه و الحرية و الأناقة..
فاروق خرج منفياً، لكنه خرج و فى قلبه بلده، لم يلعب بذَنَب العقرب، لم يقل أنا أو الفوضى..خرج خروجا راقيا مودعاً مصر التى لم يقصد الإساءة إليها..
(الفصل الثالث - حكم العسكر)

محمد نجيب: حُذِفَ للإضافة.. إضافة عبد الناصر
عبد الناصر، نعم أغرق مصر فى حروب لا طاقة لها بها، قتل الكثيرين من الأغنياء بالحسرة على أراضيهم و لكن لا ننكر أن نيته كانت لمصر و رفعتها، درة الشرق و بيت العرب القوى الكريم...أخرق، أهوج، أرعن.. سموه ما تسموه و لكنه لم يخدع مصر، بل أراد لها قوة و دور و ريادة، بل أرى فى صفحته تآخى معبد جنوب مصر بالسد العالى، أحد أهم المشاريع القومية..أرى دخان المصانع متصاعد، أسمع صوت التروس يدور و يدور .. يعلو و يعلو..
ربما لم ينجح فى إختبار التقدم و لكنه لا يزال كان يعمل من أجلها.. لم يسرقها

أما السادات، قائد أكتوبر، مصاب بجنون العظمة و لكنى لازلت مؤمنة أنه لم يخن مصر يوما و أعتقد أنه لم يسرقها...

نصل لصفحة سوداء، عتماء رمادية اللون، أتساءل، أشتعل رأس مصر شيباً ووهن الجسد هكذا؟
دخان متصاعد، و لكن ليس لمصانع بل عوادم كهولة سيارات تكح و تسعل فى الطرقات
حديد، لا ليست آلات بل جنازير لتوصد للمصانع بوابات و تشرد عامليها على القهاوى و مفترق الطرقات
أدخنة و كمّامات..هى غاز مسيل للأحرار بعيدى النظرات
لون أصفر، لا ليس الصحراء و تبرها الغناء، بل حرائق تشتعل فى مجمع العلوم و فى الوزارات...
كم هو فصل يصيبك بالضجر... كم هى صفحة مؤذية للبصر...

بعد كل هذا، أعرفتم لِمَ ينفرد "مو بارك" بالمرتبة الأولى فى الخيانة؟ لم صفحته فى سجل التاريخ سوداء رمادية اللون؟ لم يخرج العادم و الدخان من أرجاء الكتاب؟

نعم جميعهم أضعفوها و لكن لم يخونوها كما عمد  الأخير ....

لماذا فعل ذلك بل ظل يفعل و مازال يفعل؟؟؟!!!! كيف يحمل كل هذا الكره و الانتقام من البلد التى أوَته و كبرعلى قوتِها و تخرّج من أعظم مدارسها؟؟!!!! أين كان سيذهب بعد خرابها؟؟!!! كيف أنجب وجهين بلاستيكيين لا يعبران بأى شكل عن الإنتماء لهذا البلد الأمين و لا بالإخلاص لشعبه؟؟؟!!!
كيف هذه القدرة المدهشة فى نقل عدوى مصاصى الخيرات إلى باقى الحاشية؟؟؟ أكان يقوم بعَضِّهم مثلما نرى فى الأفلام فيتحولون لمصاصى خيرات بلد و دم شعب؟
أطنطاوى مُصاب؟ أهو مصاص دماء هو الآخر؟ أتحول العسكر إلى قوات مستأذبة، تنهش لتعيش؟؟؟
ما الحل إذاً، ماذا تكون الرصاصة الفضية للقضاء عليهم؟؟؟
الوحدة و الإصرار على القصاص؟ الهجوم فى جماعات عليهم عندما يظهر القمر فى الأفق حيث تهن قوتهم؟؟؟؟
 
ترى ما هو الترياق يا شعب مصر؟ ...

فلننظر ماذا بعد فى الصفحات.... نور أبيض، صفحات ناصعة البياض، شباب يافعة، هتافات ترج أرجاء شاسعة، صفحات بيضاء نقية تنتظر شباباً يخطّوها بأياديهم ... يااه، إنها كثيرة مديدة .. فى إستقبال الشباب لسعيدة... أما أنا فأقسمت أن أكون.. ممن سيسطّرون فيها و يلونون.. فهل إلينا ستنضمون ؟

يا سادة،
محمد حسنى مبارك هو أول رئيس يجعلنى لا أخشى الموت من أجل وطنى
هو أول رئيس يجعلنى أشعر بالفخر للكذب على والدتى عند ذهابى للتحرير
 هو أول رئيس جعلنى أبدل عطرى برائحة الغاز المسيل للدموع فى فخر أتباهى به وسط الجموع
هو أول رئيس يعلمنى الجرأة و الشجاعة لأقولها فى وجهه "إرحل"
 هو أول رئيس يجعلنى أنطق "يسقط يسقط حكم العسكر" بعدما مصّ أعوانه دم الغزلان فى بورسعيد
عندما نطقتها، استحضرت مشهد فيلم "رُد قلبى" عندما خرج حسين رياض عن خَرَسِه و نطق "تحيا مصر")
نعم، ستحيا مصر التى سلبت العقول، ستحيا مصر التى أنجبت العظماء، ستحيا مصر التى تخرج الكلام من الأخرس، و تحرك المشلول، ستحيا مصر التى تجود بالشباب ليعلموا الشيّاب كيف تستخدم زينة العقول...

ستحيا مصر يامن جعلتمونى عندما نطقت "يسقط يسقط حكم العسكر" أشعر و كأنى أنطق الشهادتين عند الممات...

عار عليكم يا من دنستم حتى خير أجناد الأرض...و لم تصونوا العِرض...

و إن الصبح لقريب...و عليكم ستدور الدوائر يا أفراد العصابة




لم ينتهى الفصل .. و لن يكون هناك أخير.. شباب مصر لديهم الكثير و الكثير