السبت، 25 فبراير 2012

سيرك الثورة المصرية ... بمشاركة برلمان الحضانة بلا حصانة !




اليوم سأدعوكم لأمسية مسلية استجمعت فقراتها على مدار العام المنصرم (اللى أخدنا فيه كتييير بالصُرم)... و خاصة أن الموضوع مؤخراً أصبح هزلى و مضحك جدا كما كان أيام الجرير و الفرزدق أيام الجاهلية.. فتأنقوا و استعدوا لسهرة ممتعة بالسيرك السياسى فى أم الدنيا مصر... أصل فى السيرك كله موجود..مفيش مستحيل و الممنوع مرغوب ومافى شيئ عن العين محجوب.

تخيلوا معى المشهد أولا، أرض السيرك تشبه حلبة الرومان زمان، يلفها  فى شكل دائرى الحضور من كل الأعمار و الالوان المتشوق للفرجة و بعضهم للمشاركة..المقتدر و الصفوة فى أول الصفوف على الكراسى قدام و البسيط بكام جنيه قاعد على دكة تشبه اللى عليها يوماتى بينام..
 
إضاءة خافتة على الحضور و كشافات و إضاءة مسلطة على الحلبة التى سيدور بها العرض...
الكل متأنق، يستعد لتقديم فقراته..جاهزين؟؟؟... يلا بينا..
ششش، هدوء..لا صوت لا حركة..فجأة،موسيقى صاخبة تكسر الصمت، هتافات فى كل مكان و حارة و زقاق، اللحن بيقول"الشعب يريد إسقاط النظام".. تطرب الآذان، يصفق الحضور و يهلل..و يشاركون ،البعض بترديد الهتاف، و البعض الآخر يكتفى بالتصفيق و بعض ثالث لايعجبه اللحن و لاينسجم مع الأداء...باين من عبوس الوجه و تعكير الصفو..بعض رابع يشاهد مذهولاً ما يحدث..و يشب من الصفوف الخلفيه عله يحصل على رؤية أفضل...

 يدخل للحلبة مقدم العرض راقصاً على أواخر نغمات الموسيقى.. حتى يخفت الصوت و ينتقل الميكروفون لمقدم الفقرات ليقول "عمتم مساءً يا سادة ...نتلاقى حباً و سعادة ...أمسية حلوة تجمعنا.. و فيها ..العِبرة (ستتحول لعَبرة فيما بعد) تنفعنا...فى مكان ما، فى يناير ما، حدثت تلك المباراة، بين المارد الفاسد العملاق بسلاحه الفتاك و شباب الورد الخلاق بالعلم و اللافتات لم يكف عن الحراك ..ليسجل الأخير هدفا و يبقى النظافة فى مرماه ... أنظروا لوجه الحضور،حواجب مرفوعة للأعلى، عيون جاحظة،ياللدهشة! ما هذا التناقض؟؟؟
ماتستعجبش،ماتستغربش، فى عالم السحر كل شيئ ممكن...آه، إذا فقرة الساحر هى الأولى...
الدنيا يلفها الظلام الدامس، دخاااان كثيف يكسر بلونه الأبيض وإرتفاعه لأعلى خيمة السيرك سواد الظلام، غاااز مسيل للعيون يخرج من خلفه من الأبطال الأنقياء مليون!!! كلهم عزم و قوة و أمام الغاز صامدون... ما قلنا ماتستعجبش و ماتستغربش، فى السحر مفيش ماينفعش...


أوباااا، يظهر الساحر بعُصيِّه و حاجات و محتاجات تملأ جعبته و الأرانب نايمة فى أكمام بدلته..
نظرة على الحضور، صمت و ذهول..ترقب و جلسة منتظرة، ميل للأمام و عيون على الساحر من الأعلى منحدرة...
يبدأ الساحر بحركاته السريعة بيديه و قد أرتدى قفازاته البيضاء الأنيقة ..هوب،هوب ، منديل ملون و ثانى ملون و ثالث و رابع، ما هذا، أخيام التحرير هى؟ نعم إنها لهى..يكور يديه فتخرج مرتبطة بعضها ببعض..منديل تلو الآخر، يكور يديه مرة ثانية، تخرج منديل واحد أبيض،ما هذا الاتحاد الجميل؟ يكور يديه مرة ثالثة، تخرج منها عشرات العصافير البيضاء و الملونة لتطير وتطير و تنتشر بالأعلى، بيضاء نقية ، إنهم لشهداء الحرية..تطير للأعلى و تأخذ معها العيون والقلوب لمنظرها الجميل و فراقها العزيز.. يخطف الساحر الانتباه مرة أخرى، ماذا لديك فى جعبتك ياتُرى؟
يدخل يديه فى جيبه و يخرج منها أوراق اللعب "الكوتشينة"..لعبة قديمة..يفنطها مرارا و تكرارا، يبعثرها و يجمعها و يلعب بها بخفة و سرعة و مهارة...
"يستفتى" الحضور، عن ورقة الدستور .. فى أى يدٍ خفاها مسرور؟ و هل الدستور المغمور مُعطّل؟ أم مُرقّع؟ مخطط ولا منقط؟ ولا دستور جديد مسطور؟ لن تعرف لو كنت قاعد مطيور...

يشارك الحضور والجمهور فى ورقة الدستور..أووه..نتيجة ستأتى بمن كان مغمور للحضور و كان فى السجون قديما غير منظور..
إذا ورقة الكومى لاتزال مع الساحر مسرور، يلوح بها للحضور فى سعادة و حبور..و لكن مع مسرور ورقة أخرى فى جيبه المسحور..إنها لولد الكوتشيتة الرابع، سيحتفظ بها لآخر العرض..فقد أحرق ثلاثة و بقى الرابع الذى سيكون لباقى أوراق اللعبة "جامع" – هيقش كل الورق على الساحة..
لازال مع مسرور الكثير و الكثير، صواريخ و خراطيش،  و ألوان فى الهوا تطير و تطيش،  و تعلا و تلمع،  و العيون تعمى و تدمع،  و اللى ياما يشوف هواللى بيعيش...فى السحر مفيش "مفيش"...
بنظرة و ابتسامة، مسرور يكمل العرض و يلبس هو الكمامة..إيه ده؟ "الساحر مسرور" معاه بدر البدور، بيحطها فى صندوق أنيق و بيها للحضور بيلف و يدور.. بدر البدور اسمها "ثورة" من مواليد يناير..هتعمل إيه يا مسرور؟؟!!  سيخ و سيوف و سكاكين و كله مسنون...بالمنشار  ينزل و ينَخوَر، يقسم "ثورة" نصين و أكتر، الحضور بس عمّال يصور، و يألف فى الخدعة و يحوّر..الله ينوّر..

تصفيق حاد..و تهليل جاد..برافو يامسرور، (شكلك كدة طلعت سياّف شهرزاد، ست السبع بحور)...قفاز مسرور مش أبيض زى ماكان أول العرض، بالذات بعد فقرة "بورسعيد".. ينحنى مسرور للحشد و لسة الورقة إياها  فى جيبه المسحور..بوسة هنا و بوسة هناك..تتوزع على الأحباب و الأصحاب..يدخل مسرور ورا الستار، خلف الكواليس و يختفى عن الأنظار..همممم
تتعالى أصوات الجمهور..فين العملاق الجبار..هو و حفنة الأشرار؟...إزاى طليق فى شرم الشيخ و لازال فى إيديه كل الأزرار؟؟؟؟...
بسرعة و نشاط، تجهز الحلبة للعرض الجاى..قفص كبييير كبير، يفصل بين الأسد الجريح و الجماهير..قفص عالى بس عشان يحمى الأسد و المشاهير مش العكس كما تعودنا فى حكايات الأساطير..


ها! إنها فقرة الأسود، اللى كانوا منتهى الجبروت، إنتهى بهم الحال فى أخدود بس سياحى شوية، أخدود لطيف مفتوح الحدود..يدخل أسد عجوز، وراه أسد ريحة فساده تعبر الألف من السدود، وراه أسدين شباب، يستاهلوا بعد النمردة قطع الرقاب..لبؤة لئيمة عملالنا سقيمة.. يكمل العدد إلا شوية..40 أسد و ضبع و معهم "ديب"..هما ال40 حرامى اللى لسة فى منهم 400 برة و القائمة تزيد..يدخل المروّض..بس المرة دى مش آل الحلو..آل رفعت..يضرب بالكرباج بس بحنية، يتحول الأسد يمامة،حمامة سلام نايم على سرير فى إستقامة و قَيامة..  و ولديه واقفين آخر نظافة و حلاوة..فى إيدهم مصحف لما تيسر من التلاوة..و على  شمالهم واقف العجوز "الحبيب"..داخل خارج من و إلى القاعة بلا رقيب ولا حسيب و لا حتى فى إيده حديد..!!!!
باقى الدكك أصطف عليها الضباع، تعوى و تعوى ..يالهوى! و الديب متباهيا تحت فم الأسد الكبير منافقا" ما هذه الرائحة الفاتنة يا ملك الغابة؟ مسك؟ عنبر؟ الله أكبر!"
عرفت عن الأسد النبل و لكنى عرفت أيضاً أن عندما يتعود على دم الإنسان فإنه يصاب بالسَعَر..ولا يستطيع عن دم الإنسان أن يتوب إلا بالسَحَر!

كانت الحلبة ممتلئة بالأسود التى شاخت مسعورة و نقلت العدوى لباقى الحاشية..يدخل المساعدون حلقات من النيران، يضعها للعيان فى بيان..الكل يرى و ينظر و يتربص..يضرب الكرباج فى الأرض، تسمع طقطقته و فرقعته ..يزأر الأسد فى إستنكار..و يكشر عن أنيابه التى أنغرست فى أرواح و أجساد العصافير..يجهر المروّض بصوته الجهور، يلا يا أبو السباع نط بين حلقة النار ووراك باقى الطابور... و يهمس "ماتخافش،هتخرج منها سليم أنت و اللى معاك" ..وعد، عيب هو إحنا حريم؟؟؟...ينط الأسد من حلقة للتانية، يخرج سليم، يصفق الحضور،يبتسم مسرور من خلف الكواليس، و تبقى بضعة حلقات نارية سنعرف نتيجة قفزتها فى يونية و عليكم خير لو كان عقلى و عقلكم لسة سليم...

تدخل الأسود الهرمة إلى مخدعها و هى تتمخطر و تزمجر و تزأر و تنظر و تتوعد و تحذر...صبرا ..صبرا

تُخلى الحلبة و تجهز لإستقبال أهم فقرات السيرك السياسى، فقرة ينظرها الصغار قبل الكبار من جميع الفئات و الأعمار، على أحر من جمر النار..حزر فزر..مين المختار؟


مجموعة من المؤديين، متشابهون فى الشكل و الملبس، أها! إنهم "المهرجون"...نعم رأيتهم يغنون معنا النشيد اللإفتتاحى "الشعب يريد إسقاط النظام" و من ثم إختفوا!!! و الآن ظهروا، جماعة ، دخلوا الحلبة، ملأوها عن آخرها ، متعددين، مختلفي الأطوال و الألوان..
مامعنى "مهرج"؟ ليس معناها المضحكون كما ألفنا.. بل هم من يثيرون الهرج و المرج و لكن بشكل كوميدى يجعل أساريرك تنفرج لحركاتهم و إيماءاتهم و لوحاتهم و مونولوجاتهم الفنية و الخيالية.
 
المهرج أو البلياتشو و دعونى أعيد كتابتها بما يتوائم مع دور المهرجين فى سيركنا السياسى لتصبح "البلية" تشو، يختفى وراء قناعه أو ماكياجه، قد يكون شديد الحزن خلف القناع الضاحك، قد تكون عينيه دامعتين أو متوعدتين خلف تلك الابتسامة أو قد يخفى عظيم النوايا و خاصةً لو كان قناع "بانديتا" كما يشيرون !!
يبدأ العرض، صخب و أصوات و ضحكات و زعيق، بكاء و ضحك ، حركات بهلوانية، ورد يتفرق على الجمهور ، للحلوين و الحلوات، لعب بالكرات فى تتابعات و شغل تلات ورقات! قفزة هنا و قفزة هناك.. يرتدون أحذية أكبر من مقاس أقدامهم لم يألفوها من قبل، يرتدون ملابس تتعدى حجم أجسادهم بهيهات و هيهات..و إليكم اللوحة الفنية بإختصار ياحضرات..ساحة العرض أي وكأنه برلمان، من كتر ألوانهم انقلب إلى برطمان، يضم العديد و العديد من الإتجاهات ..دينى، سلفى و قليل من الليبرالية كمان و إشى خيالى ياناس..ها، لسة فى حد حيران؟
بهلوان بألوان، يتكلم و يشاور، غضبان طهآن يقوم و لرئيس البرطمان بيحاور..إيييهههه و ليييه و هيييه،أصوات زملائه البهلوانات من وراه و حتى المجاور...هاموت من الضحك على العرض الهزلى و عيونى تدمع مش عارفة من الضحك ولا من الحسرات...أصل مع كل نمرة كان فى وعد فات راح و مات...تنتهى الفقرة بوعد أنه لن يتم إذاعة الجلسات فى الإذاعات، و هو يعنى إشمعنى المحاكمات؟؟!!
برلمان حضانة..عن شغل العيال ماعندوش حصانة، فصل تلاقى فيه من الهولز لللبانة و علان بيتكلم مع علاّنه، وواحد نازل لزميله من فوق يقوله "هات الخرطوش يا فاسق يا ابن الجبانة!!
استراحة.. قمت من مقعدى، أدرت ظهرى للحلبة السياسية من الدقائق بضع ،خرجت أتنزه و اشم بعض الهواء النقى خارج خيمة السيرك،هممم، كم كنت بحاجة لهذا الفاصل..لم أعد أستطيع أن أواصل بعد كل تلك المهازل..طبعاً ما احنا فى سيرك و فى السيرك، لا شيئ مستحيل..أغمضت عينىّ، غبت عن حلبة السياسة ثلاث أرباع الساعة لم تغب مهزلتها عن ناظرى ولو لثلاث ثوان.
عُدت لاستكمال فقرات سيركها المليئ بالمفاجآت..وجدتنى لا إراديا إحدى بطلات فقراته الخطرة،الترابيز.. الحضور كطائر الفلامينجو عندما تهطل عليه الأمطار فى البحيرات، ينظر لأعلى، نظراته مُعلقة ، أنفاسه محبوسه و قلوبه وجلة!! إستضفتنى السياسة ومعى الكثير فى جولة جديدة لعبت خلالها الترابيز فى سيركها الكبير المليئ بالحضور، أخذت تتلقفنى أحداثها الهزلية من تجاوز زياد العليمى و همج البرطمان (البرلمان) إلى عُزلة بورسعيد، لفتين فى الهوا..فيمسكنى عار فقراء الصعيد الذى لايزال عن بال بهوات البرلمان بعيد..لتنتهى اللفة الأخيرة بنشاز لبيت شعر تهجأه مبارك و آيات تلون بها العادلى و دموع تماسيح أفرزها المراسى..تُرى أين ستنتهى قفزتى؟ على الجهة المقابلة لإنطلاقتى لأهبط عليها بسلام و ابتسام ملوحّة لأصدقائى بسعادة وصولى بأمان؟ أم سأسكن براثن الشباك التى تحول بينى و بين الأرض إرتطام ؟ عسى وقتها أن يقفز لتعثرى الحضور الباقى من على الكراسى فينقذوا ما تبقى من كرامة مصر بعد كل تلك المآسى....

لم تنتهى فقرات السيرك يا سادة، لايزال تحت الخيمة الكثير و تحت القبة الأكثر...إلى لقاء قريب فى عرض جديد..و السيرك السياسى ..و مزيد من المؤدين الجدد، الساحة مليئة بالبهلوانات...ليلتكم سعيدة..

عاليا ...


هناك تعليقان (2):