الثلاثاء، 1 مايو 2012

القراءة بحاسة السمع..لعلكم تستحون..

مثل برايل، فكرت فى إسلوب جديد يساعد الناس على القراءة و لكنى على عكس برايل حيث أنه إبتكر الكتابة بالحروف  البارزة لمن حرمهم الله نعمة البصر أما أنا فسأعرض إقتراحى علي "جميع الناس" ممن حرمهم الله نعمة الإحساس و الحس و البصيرة..نعم معظمنا أصبح متبلد الشعور، أعمى وهو بصير..نرى ولكن لا نشعر، نستنكر ولكن لا نفعل..نثرثر ولا نعقل..قررت إذا أن أجعلكم تقرأون بالسمع!!

أخرج خارطة العالم ، أفردها أمامكم و الآن أطلب منكم أن تغمضوا أعينكم، نعم ستقرأونها وأنتم مغمضى الأعين بما أنها لم تنفع و هى مفتوحة!
من أين نبدأ؟ من الشرق؟ من الغرب؟ من الشمال أم من الجنوب؟ ..بالطبع لن أبدأ من الشرق الأوسط الأخرق..لأنه هو ما سنحط فيه بعد أن أقارن لكم كيف هو العالم و فيم نحن منه..
تذكرة: أغمضوا أعينكم و استخدموا حواسكم الأخرى و خاصة أذنكم..ها، ماذا تسمعون فى الولايات المتحدة الأمريكية؟ ..أسمع ضجيج المصانع، أسمع خطوات ذهاب و إياب سريعة للرجال و السيدات وهم يهمون إلى عملهم بكل جد و كد و جدية..أسمع صفير مداخن المصانع، أشتم  أدخنة مصانع السيارات فى ديترويت و الصواريخ و مركبات الفضاء..أسمع إنتقادات ترتفع لأوباما لتوقف رحلات ناسا للفضاء، أسمع زخم تعاملات البورصة فى وول ستريت، ضجيج و لكن نتيجة عمل دؤوب لا يكف ليل نهار..عمل جعل من أمريكا المارد الجبار..يأبى الإنهيار..
لنتحرك للبرازيل،على أنغام السابما، أسمع تهليل مشجعى الكرة و فريق العالم الأول ، أشم رائحة البن وأسمع أصوات مطاحنه،  أسمع أصوات المزايدات  من تجار العالم فى بورصة الكاكاو، أسمع أصوات البواخر تنطلق حاملة اللحم البرازيلى و الدواجن إلى العالم...و فى آخر اليوم أسمع جائزة العمل الشاق، رقصات على أنغام الكوبا كوبانا ..تستحقىن أيتها البرازيل فقد جعلت لنفسك مكانا بين الدول الصناعية الكبرى، هنيئاً لك..
لن أتوقف عند كوبا لأننى أعرف أنكم ستشتهون رحيق سيجارها  ! J ولكن على الأقل هى رائدة فى شيئ..

لنتحرك للأخت العجوز الأولى لثلاث شقيقات حملن ملامح الشيب عليهن، أوروبا...

تحسسوا! إنها وخزة سن برج إيفل فى فرنسا..ماذا تسمعون؟ .. أصوات تأييد و نقد لمرشحى الرئاسة ساركوزى و هولاند؟ نعم..ولكن كيف هذه النبرة المتحضرة؟ لا تسمعون عويل و نهيق أليس كذلك؟ ..
تشتمون رائحة مخبوزات فرنسا تحت نغمات الأوكورديون؟ تشتمون رائحة العطور فى الشانزليزيه و ميدان الكونكورد؟ ..وخزة أخرى؟ إنها مسلة من مسلات مصر المنهوبة، تقف شامخة بعيداً أن أحضان أم الدنيا ولا تعرف ماذا حل بأم الدنيا على بعد أميال منها...تذكرنى بمصر العظيمة..تحاول أن تشب بنظرها من الكونكورد إلى القاهرة.."تُرى ماذا يحدث؟" سؤال طرحته فى سرها...أسمع أيضا تنهيدة توابيت، تماثيل و مومياوات فراعين وملوك مصر فى طابقى اللوفر..تهمس من خلف الزجاج للزوار المصريين "كيف حالكم و كيف حال أمنا مصر؟" ..
تنهيدة وجع على حال سيدة التاريخ..
تحركوا فكفى مواجع مصرية فى مهد نابوليون....

الآن،ثمة وخزة ثالثة، إنها بيج بن راسخة على أرض سيدة البحار...تدق معلنةً فقدان ساعة أخرى من ساعات العمر و ترمى لنا السؤال: تُرى فيم أنفقنا تلك الساعة؟ تُرى ماذا حققنا فى تلك الساعة؟ أم ضاعت بلا رجعة و سنندم عليها عندما نصبح للوقت فى مجاعة؟..
أسمع صوت كرات التنس فى ويمبلدون، أسمع صوت التصفيق من مشجعى لعبة الملوك و الأمراء..تصفيق فى أناقة و تمرس و شياكة..
تُرى ماذا تقولون علينا يا شاهدى التاريخ؟ فيم تهمسون فى أنفسكم يا إيفل، يا مسلة مصر و يا بيج بن؟ كيف تروننا من زاويتكم التى تغازل السحاب؟ كيف تروننا اليوم و قد كنتم شاهد على العصور..
ألمانيا، أسمع فيكى عزم مواتير سياراتك الخلابة و صوت عجلاتها تدق فى الأسفلت و هى تزأر معلنة سباق الطائرات على الأرض..رائدة صناعة السيارات و الماكينات ..لكى كل التبجيل و الأحترام...
إسبانيا، أسمع فيكى دق حوافر ثيرانك و زفيرها...أسمع خطواتها الأنتقامية فى حلبات مصارعاتك، أسمع الحضور و تصفيقه و هتافاته "Ole"
أسمع و أشعر بنسمات رذاذ نفورتك بميدان "إسبانيا" فى برشلونة ترقص على الموسيقى كل يوم أحد و الحشد و العشاق ملتفين حولها يشاهدونها بانبهار و سعادة ...
أسمع تهليل أهداف برشلونة فى الكامب نو، أسمع تشجيع و مؤازة نادى العالم الأول....
إسبانيا، صنعتى لنفسك إسماً فهنيئاً لك..(ولكن ردى إلينا حسين سالم)
إيطاليا، أسمع نغمات  "فيردى" تنطلق من بيوت الأوبرا العتيقة، أسمع دقات جرس الفاتيكان، أسمع رقص "لا فونتانا دى تريفى" – نافورة الأمنيات فى قلب أحد شوارع روما..أشعر بميل برجك المائل "بيزا"..أشتم رائحة البيتزا و المعجنات و الباستا..أسمع تدريبات فريقك الأول فى همة و جد...أسمع موتور الفيرارى فى حلبات الفورميولا وان..اسمع ملحمة عشق مصر و روما فى شخصى كليوباترا و أنطونيو..أسمع صليل سيوف المصارعين من الماضى يتبارون فى الكولوسيوم لإنقاذ أرواحهم..
إيطاليا..لك سحرك فاستمرى..
سويسرا، أشم فيك و أشتهى رائحة الشوكولا و لكنى أشتم بقوة أيضاُ رائحة أموالنا المنهوبة فى أفواه بنوكك..كنت أتمنى أن تكونى مثل ساعتك ال"TISSOT" مضبوطة فتعيدى إلينا أموالنا...

الشقيقة العجوز الثانية، آسيا..أسمع زئير نمورك الآسيوية، ليست صوتا بل إنتاجا وعملا و دأبا زحفا لاكتساح العالم إقتصادياً..أسمع رنة الإبرة على أراضيكم و صراخ الصاروخ فى سمائكم..لم تبقوا على شيئ لم تصنعوه سواى أنا!

اليابان.. أسمع صدى دوى إنفجار تشرنوبل فى زمن ليس ببعيد، أسمع زئير أمواج المارد تسونامى الغاصبة و أخيراً أشعر بلهب فوكوشيما و لكن الآن..ش! مهلاً..لا أسمع صوت...
لا أذكر أنى سمعت للشعب اليابانى صوتا ولكنى بت أصدق أن صوتهم هو مثل تكتكة الساعة منظم وهادئ وحكيم،يقدر و يقدس الوقت والعمر ويعمل فى صمت عظيم وهاهم اليوم..
الهند: لا تسمعون فيها الآن مجرد أصوات الفيلة و الخلاخيل و الطبول و تشتمون رائحة البهارات .. كان زمان..الهند الآن تصنع الأقمار الصناعية يا سادة و تطلق صواريخ بعيدة المدى و تصنع السيارات و الكمبيوترات....
هيييه..لا تعليق..
و الآن، سأوزع عليكم قطعا من القطن لتستخدموها كسدادات للأذن  لو لم تستطيعوا تحمل ما ستسمعون فى منطقة الشرق الأوسط الموكوس بحكامه قبل المحتل..جاهزون؟
إنخفضوا، فهناك صاروخ و مدفعية ثقيلة أطلقها الجيش السورى الأخرق على شعبه و نسائه و أطفاله..أشتم رائحة الدماء تجرى فى شوارع سوريا بدلا من الفرات.. الفرات أصبح إنفراط فى الأخلاق و إنعدام للإنسانية، صريخ و عويل و شكوى تنضم لعويل فلسطين المزمن منذ أكثر من نصف قرن..

نفس رائحة البارود و الأدخنة، نفس أصوات الهتاف المتبوعة بطلقات رصاص فى البحرين، و مصر و من قبلهما ليبيا ...
فى دول الخليج، تسمع صوت الطرب و الترف و المزمار،تسمع تخميس السيارات إلى جانب  برامج المسابقات التى تغدق عليك ال6 مليون ريال،دينار أو درهم، تسمع ألسن المذيعات فى فخر تعلن عن "أراب أيدول" و فى الخلفية صراخ فلسطين و إنفجار العراق و نزيف سوريا و إنتكاسة الأقصى، صحيح..نصف العرب أصم و النصف الآخر يهتز طرباً على أنغام المعازف غير عابئين بالتنمية..سوى فى بذل النفيس و الغالى لشراء إنتاج الأمريكان و الإنجليز من الأسلحة لصد إعتداء إيران الإفتراضى كما يزرعه الأمريكان فى مخيلة العرب .."
Inception
"
مصر؟  نعم إرتطمت يدى بأهراماتك العظيمة، بسدك العالى، بمعابدك الشامخة..نعم طربت أذنى بألحانك و فنك الراقى، نعم تهذبت نفسى بأدب العظماء من كتابك وشعرائك ..و لكن اليوم...ضجيييييييج، أرى غمامة فوق مصر، ليست غمامة السحابة السوداء ولا عوادم السولار..بل غمامة حروف و كلمات..أبجديات إهترأت من كثرة إستخدامنا و من فرط الثرثرة بها.."عمل" مات و دُفن تحت الثرى وأداً بعدما نسيناه و تركناه فريسة لتراب النسيان و الهجران..وقتاً نزف الساعات و الدقائق فى قنواتنا و التوك شو..
لم أعد أستمع لصوت تروس المصانع،لم أعد أسمع هتافات الشعب باسم رئيسهم المحبوب،بل أسمع نهيق البرلمان و مصطفى "بقرى" فى الميكروفون و "سباب" عصام سلطان و نوارة نجم..لم أعد أسمع عظمة طرب عبد الوهاب و ثومة و حليم فى حب تاج الشرق مصر..لم أعد أسمع حب مصر بجد و مجد كما كان..صراخ و سباب و هتافات علت فلم تعد تسمع أى شيئ! منصات و جلجلة و تهليل و خيبة تقيلة أصبحت محل التبجيل..و الخارج عن نطاق السباب و حمل الأحذية و الطوب يصبح محل "تفليل" – (اسم تفعيل من "فلول") ...
أسمع تنهيدة مصر و أنينها على عظمائها الراحلون وعلى كاتبى دستورها المخضرمون..


لم يعد فى وسعى سماع المزيد فجميعكم تسمعونه ،بل و بعضكم هم من يصنعونه...لكنى أردتكم أن تترجلوا من مسرح العرض و تقفوا وسط الحشود و الجمهور و تسمعوا أنفسكم و تحكموا أنتم على أنفسكم و سأترك تقديركم حبيس كينونتكم...و ضميركم حبيس نفسكم ..عسى أن تعتبرون و عن جد لمصر تحبون!!!
...
ملحوظة:
فى كل بقعة من الخريطة سمعت أصوات و لهجة المصريين، ضحكاتهم،نكاتهم، تفوقهم، تكريمهم، تكاتفهم .. إلا فى مصر!

هناك تعليقان (2):

  1. ازاى البوست ده "وهمى" ودخلتينى فى جو تانى خالص وانا قاعد اقرأ =)

    ردحذف
  2. :) شكرا جزيلاً ... أطربتنى بتعليقك..

    ردحذف