محمد حسنى مبارك هو أول رئيس للجمهورية ....
لا تستغرب ولا تستعجب ولا ترفع حواجبك!
نعم محمد حسنى مبارك هو أول رئيس للجمهورية، لو كان هو محل التخصيص فالنعيد صياغة الجملة إلى
"محمد حسنى مبارك هو أول رئيس لجمهورية الفساد و أنعدام الضمير " ، أما إذا كان تركيزنا على حبيبة قلوبنا مصر فسيكون تركيب الجملة كالآتى
" محمد حسنى مبارك هو أول رئيس لجمهورية مصر العربية الذى يخونها و يعمل جاهداً على تركيعها للأعداء و يسهر ليال ثلاثون عاما (إلا قليلا) على نهبها حتى طمى نيلها!
و لأجل عيون العلم و العلماء فسأقول :
محمد حسنى مبارك هو أول رئيس بعد النعجة "دوللى " الذى ينجح الزمان فى إستنساخه فى عدد ليس بالقليل من الفاسدين من رأس مصر إلى أخمص قدميها، و لكن على عكس "دوللى " التى شاخت و ماتت، شاخوا هم و لكن لم يموتوا لا عمراً و لا فساداً.
محمد حسنى مبارك هو أول رئيس جمهورية فى حياتى.
و لو أردنا إعراب الجملة فالتكن كالآتى:
محمد: اسم برئ منه لأنه لم يحمل من صفته ولا من صفة صاحبه شئ (آسفة لذلك ولكنها الحقيقة)
حسنى: حُذفت نقطة بالخطأ فأصل الكلمة "حُستى" و حوسة المصريين
مبارك: لم يكن مباركاً أبداً على أم الخيرات وسلة الغذاء مصر و عليه فأصل الكلمة "مو بارك"
و الأسماء الثلاثة ضمير ليس مستترا بل منعدم..
قلبى يقطر حزناً على ما أكتب لأنى لست أحد غربان العش الذين سارعوا بالصياح أول مانفرج عن عشهم الغطاء، كانوا مذلولين طوال السنين و بعد أن فعلها الغصن الغض و أطاح بطائر الرُخ، خرجت للغربان الهارمة أصوات و تلونت مثل الحرباء... مش ده موضوعنا.. و لكنى أكره أن أكتب هكذا على شخص تشرف بالمشاركة فى حرب 6 أكتوبر (بغض النظر برضة عن إن الحقيقة إننا أتهزمنا و العدو كان خلاص داخل القاهرة و كدة – أتركونى سعيدة بالنصر و بلاش غم كفاية اللى إحنا فيه) و ضحّك إسرائيل على كلمة "صاحب الضربة الجوية الأولى" التى تقريباً لا محل لها من الإعراب فى قواعد نحو و صرف الجيش! و بالتالى :
محمد حسنى مبارك هو أول رئيس يطلق نكتة "صاحب الضربة الجوية الأولى" لتضحك الصهاينة.
القيادة شئ ، قيادة الدولة شئ آخر و أما قيادة مصر فهى شئ مختلف تماما، رئاسة مصر شرف لأى زعيم ..مصر نوط شرف على صدر الأبطال، هى الجائزة الكبرى كما أطلق عليها الطامعون من الأعداء..نيشان يجب لكى تحافظ على بريقه أن تحرسه و تحافظ عليه ، أن تنفض عنه الأتربه كلما انهالت عليه و أن تنظفه بحرص من آن لآخر بقطعة القطيفة التى تمتلكها خصيصاً له.
تعالوا نجيب أول الشريط ،من أيام الفراعنة، فرعون الجبار كما ذكره القرآن و الصحف و الأخيار..إفتح معى سجل التاريخ، سجل كبير عريض، فى صفحاته مُهترى، ها..ماذا ترى يا هل ترى؟
دعونى أروى لكم ما أراه فى أول صفحات عُمر مصر، صفحة بردية شاسعة لامعة صفراء ، تمثل الصحراء، يخرج منها دفء، إنها الشمس تشرق عليها و تحتضنها فى لقاء و محبة يومية، رمال ناعمة ذهبية تلونت من مسح أشعة قرص الشمس الجرئ...
أقلب الصفحة، ما هذا؟ حركة هنا و هناك، حركة جادة دؤوبة ، لا تكل ولا تمل، مجئ و ذهاب ، عمال، فلاحين و أرباب، فى الركن البعيد أحد الكتّاب، يسجل للتاريخ ما أقرأه عليكم الآن..
تجارة رائجة مع بلاد الحبشة، عطور، بخور أبحرت بحور من أجل جميلة الجميلات نفر السيدات..
ملوك، منها عادل، منها طاغٍ و منها شاب عمره عشر فأصبح فرعونا أنخفضت له الهامات تقديرا حتى اليوم...و إرتفعت له التساؤلات، ما سركم؟
أقلب الصفحة، أرى فى أعلاها قاعدة هرم و فى أسفلها أعمدة تستعد للشموخ و الصعود و الصمود لتحمل معبداً شاهدا على عظمة و حرفة بُناته.
صفحة بعد الصفحة، الهرم يعلو و يعلوا، أبو الهول تكتمل عضلاته و قعدته ، فى الجنوب وجه الصخور تتغير ملامحه لإخراج أكثر المعابد شموخاً فى التاريخ (باسم سيدة) هى ملكته و صاحبته، تكتمل الملامح، حضارات و إرث ثقيل أبهر العالم لساعتنا هذه، إرث سيصبح فيما بعد سفيرا و سفارة لأم الدنيا فى معظم بقاع الدنيا.
(إنتهى الفصل الأول)
يااا ربى ، حتى فرعون بجبروته بنى فى مصر و عمل لها أعظم حضارة فى التاريخ، حارب ليحفظ حدودها ولتظل من أعظم الإمبراطوريات (ناهيكم عن فرعنته و تكبره و استئثاره بالحكم) و لكنه... "بنى مصر",,,
(الفصل الثانى)
الصفحة التالية، زاهية الألوان، أحمر بلون النبيذ، أصفر بلون الخلخال الرنان، بيضاء بملابس اليونان و الرومان.. مجلد كبير وثير، ريشة تغمس فى الحبر و تكتب، لا تكل الريشة ولا يجف الحبر، يسطر خفقان قلوب هيرودت و إقليدس و بطليموس و شوق الإسكندر ليُضاف لمصر اللون الأزرق الفيروزى فى غربها و المبانى البيضاء و منارة عالية لتجعلها من أهم الموانئ و بمسرحها من أهم الدور الثقافية العالمية و بمكتبتها و لفائفها من أهم بؤر الحضارة المشرقة على العالم أجمع... (ألا تخجل يا مبارك، فالغرباء بنوا فيها رغم أننا نقول عليهم إحتلال؟ )
الصفحة التالية، أنطونيوس و كليوباترا، لن نمكث عندهما كثيرا و لكن هى قصة حب شهيرة يقف عندها العالم بجموع غفيرة (جميلة و طاغية أنت يا مصر حتى فى رومانسيتك )
أقلب الصفحة، تزدهر الألوان أكثر فأكثر، أشعر بدفء السجاد و الوسائد التركية، غناء و خدم و حشم، و مبان عدة تنتهى بلازمة "ستان" و "خانة"..
أرى بعثات و بعثات تخرج من مصر و ترجع بعِلم زاخر ينهل منه المتعطشون داخلها، ثقافة فى إزدياد، تعليم فى إزدهار، شخصيات عميقة تخرج لنا بحكم و أقوال نظل حتى اليوم نكتبها فى مدوناتنا و نستأثر بها فى حساباتنا الإلكترونية...
و لكن...
أرى فى الصفحة التالية ذبول، إصفرار.. ديون و إضمحلال... فساد و رعونة..خديوى مسرف لا يعبأ، نعم قناة السويس بالسخرة و عدم قدرة على دفع تكاليف "تمثال الحرية" (أيقونة نيويورك اليوم) و الذى نحته جيوستاف إيفل خصيصا ليتوّج قناة السويس يوم إفتتاحها. و لكن يظل الهدف هو أن يكون لمصر الخلود.
الملك فاروق، وقع فى الفخ و لكنه لم يكن لصاً، كان يحب مصر بطريقته المترفة، يريد أن يراها قطعة من أوروبا فى المعمار و الأبهة و المنجهه و الحرية و الأناقة..
فاروق خرج منفياً، لكنه خرج و فى قلبه بلده، لم يلعب بذَنَب العقرب، لم يقل أنا أو الفوضى..خرج خروجا راقيا مودعاً مصر التى لم يقصد الإساءة إليها..
(الفصل الثالث - حكم العسكر)
محمد نجيب: حُذِفَ للإضافة.. إضافة عبد الناصر
عبد الناصر، نعم أغرق مصر فى حروب لا طاقة لها بها، قتل الكثيرين من الأغنياء بالحسرة على أراضيهم و لكن لا ننكر أن نيته كانت لمصر و رفعتها، درة الشرق و بيت العرب القوى الكريم...أخرق، أهوج، أرعن.. سموه ما تسموه و لكنه لم يخدع مصر، بل أراد لها قوة و دور و ريادة، بل أرى فى صفحته تآخى معبد جنوب مصر بالسد العالى، أحد أهم المشاريع القومية..أرى دخان المصانع متصاعد، أسمع صوت التروس يدور و يدور .. يعلو و يعلو..
ربما لم ينجح فى إختبار التقدم و لكنه لا يزال كان يعمل من أجلها.. لم يسرقها
أما السادات، قائد أكتوبر، مصاب بجنون العظمة و لكنى لازلت مؤمنة أنه لم يخن مصر يوما و أعتقد أنه لم يسرقها...
نصل لصفحة سوداء، عتماء رمادية اللون، أتساءل، أشتعل رأس مصر شيباً ووهن الجسد هكذا؟
دخان متصاعد، و لكن ليس لمصانع بل عوادم كهولة سيارات تكح و تسعل فى الطرقات
حديد، لا ليست آلات بل جنازير لتوصد للمصانع بوابات و تشرد عامليها على القهاوى و مفترق الطرقات
أدخنة و كمّامات..هى غاز مسيل للأحرار بعيدى النظرات
لون أصفر، لا ليس الصحراء و تبرها الغناء، بل حرائق تشتعل فى مجمع العلوم و فى الوزارات...
كم هو فصل يصيبك بالضجر... كم هى صفحة مؤذية للبصر...
بعد كل هذا، أعرفتم لِمَ ينفرد "مو بارك" بالمرتبة الأولى فى الخيانة؟ لم صفحته فى سجل التاريخ سوداء رمادية اللون؟ لم يخرج العادم و الدخان من أرجاء الكتاب؟
نعم جميعهم أضعفوها و لكن لم يخونوها كما عمد الأخير ....
لماذا فعل ذلك بل ظل يفعل و مازال يفعل؟؟؟!!!! كيف يحمل كل هذا الكره و الانتقام من البلد التى أوَته و كبرعلى قوتِها و تخرّج من أعظم مدارسها؟؟!!!! أين كان سيذهب بعد خرابها؟؟!!! كيف أنجب وجهين بلاستيكيين لا يعبران بأى شكل عن الإنتماء لهذا البلد الأمين و لا بالإخلاص لشعبه؟؟؟!!!
كيف هذه القدرة المدهشة فى نقل عدوى مصاصى الخيرات إلى باقى الحاشية؟؟؟ أكان يقوم بعَضِّهم مثلما نرى فى الأفلام فيتحولون لمصاصى خيرات بلد و دم شعب؟
أطنطاوى مُصاب؟ أهو مصاص دماء هو الآخر؟ أتحول العسكر إلى قوات مستأذبة، تنهش لتعيش؟؟؟
ما الحل إذاً، ماذا تكون الرصاصة الفضية للقضاء عليهم؟؟؟
الوحدة و الإصرار على القصاص؟ الهجوم فى جماعات عليهم عندما يظهر القمر فى الأفق حيث تهن قوتهم؟؟؟؟
ترى ما هو الترياق يا شعب مصر؟ ...
فلننظر ماذا بعد فى الصفحات.... نور أبيض، صفحات ناصعة البياض، شباب يافعة، هتافات ترج أرجاء شاسعة، صفحات بيضاء نقية تنتظر شباباً يخطّوها بأياديهم ... يااه، إنها كثيرة مديدة .. فى إستقبال الشباب لسعيدة... أما أنا فأقسمت أن أكون.. ممن سيسطّرون فيها و يلونون.. فهل إلينا ستنضمون ؟
يا سادة،
محمد حسنى مبارك هو أول رئيس يجعلنى لا أخشى الموت من أجل وطنى
هو أول رئيس يجعلنى أشعر بالفخر للكذب على والدتى عند ذهابى للتحرير
هو أول رئيس جعلنى أبدل عطرى برائحة الغاز المسيل للدموع فى فخر أتباهى به وسط الجموع
هو أول رئيس يعلمنى الجرأة و الشجاعة لأقولها فى وجهه "إرحل"
هو أول رئيس يجعلنى أنطق "يسقط يسقط حكم العسكر" بعدما مصّ أعوانه دم الغزلان فى بورسعيد
عندما نطقتها، استحضرت مشهد فيلم "رُد قلبى" عندما خرج حسين رياض عن خَرَسِه و نطق "تحيا مصر")
نعم، ستحيا مصر التى سلبت العقول، ستحيا مصر التى أنجبت العظماء، ستحيا مصر التى تخرج الكلام من الأخرس، و تحرك المشلول، ستحيا مصر التى تجود بالشباب ليعلموا الشيّاب كيف تستخدم زينة العقول...
ستحيا مصر يامن جعلتمونى عندما نطقت "يسقط يسقط حكم العسكر" أشعر و كأنى أنطق الشهادتين عند الممات...
عار عليكم يا من دنستم حتى خير أجناد الأرض...و لم تصونوا العِرض...
و إن الصبح لقريب...و عليكم ستدور الدوائر يا أفراد العصابة
لم ينتهى الفصل .. و لن يكون هناك أخير.. شباب مصر لديهم الكثير و الكثير